طفرة البناء السكني في السعودية: تلبية الطلب المتزايد على الإسكان

تشهد المملكة العربية السعودية طفرة غير مسبوقة في البناء السكني، مدفوعة بارتفاع كبير في الطلب على الإسكان خلال عام 2025. ففي النصف الأول من العام، تم تنفيذ ما يقارب 93,700 صفقة سكنية، بزيادة بلغت 7% مقارنة بالعام الماضي، وبقيمة إجمالية وصلت إلى 20.6 مليار دولار أمريكي (77.5 مليار ريال سعودي).

تسابق الحكومة الزمن لزيادة المعروض السكني لتلبية الطلب المتزايد. فقد أطلق برنامج “سكني” خلال النصف الأول من 2025 حوالي 26,000 وحدة سكنية تحت الإنشاء. كما تضيف المشاريع الضخمة مثل نيوم، والقدية، ومجتمع سدرة قدرات سكنية كبيرة، وتُنشئ أحياء حضرية جديدة بالكامل. وتدعم هذه المبادرات بشكل مباشر مستهدفات رؤية 2030 لرفع نسبة تملك المواطنين للمساكن. إن هذه الطفرة في مشاريع البناء السكني تسهم في زيادة المعروض، وتحديث المدن، ورفع جودة الحياة في المملكة. وتستعرض هذه المدونة أبرز ملامح طفرة البناء السكني في السعودية، وكيف يعيد الطلب المتزايد تشكيل سوق العقار.

رؤية السعودية 2030 ودورها في تعزيز الطلب على البناء السكني

لا يزال برنامج رؤية السعودية 2030 يقود الطلب على الإسكان من خلال البرامج الموجهة والدعم المالي. فقد وصلت نسبة التملك إلى 65.4% بنهاية 2024، متجاوزة مستهدف 2025 البالغ 65%. ويهدف برنامج الإسكان، الذي يُدار عبر منصة “سكني”، إلى رفع نسبة تملك الأسر السعودية إلى 70% بحلول 2030.

وفي النصف الأول من 2025، أطلقت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان حوالي 26,000 وحدة سكنية تحت الإنشاء عبر منصة سكني، وتم تسليم 9,200 وحدة للمستفيدين. كما تم توفير أكثر من 5,200 قطعة أرض، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 170,000 قطعة. وانتقلت أكثر من 48,000 أسرة سعودية إلى منازلها الأولى خلال هذه الفترة، مما يعزز المعروض السكني ويدعم مستهدفات البرنامج.

وتُعد الشركة الوطنية للإسكان (NHC) من أهم الممكنين في هذه الطفرة؛ فهي تقود مشاريع سكنية ومشاريع تطوير عمراني واسعة النطاق في مختلف مناطق المملكة، مثل ضاحية الفرسان وضاحية خزّام في الرياض، وضاحية بوابة مكة في مكة المكرمة. ومع محفظة تطوير تتجاوز 40 مليار دولار، تقدم الشركة مجتمعات متكاملة ببنية تحتية حديثة وخدمات نوعية.

المشاريع الضخمة تعيد تشكيل المباني السكنية في السعودية

تلعب المشاريع الضخمة (Giga-projects) دوراً محورياً في تغيير مشهد الإسكان ضمن رؤية 2030. وبحسب تقرير المشاريع الضخمة لعام 2025 الصادر عن Knight Frank، ارتفعت قيمة العقود الممنوحة إلى 196 مليار دولار هذا العام، بزيادة 20% عن 2024. وعلى الساحل الغربي، جذبت 17 مشروعًا ضخمًا، من بينها نيوم، مشروع البحر الأحمر، والقدية، استثمارات معلنة تجاوزت 431.3 مليار دولار منذ عام 2016.

وقد تم بالفعل منح عقود بقيمة 57 مليار دولار، بينما لا تزال 187.2 مليار دولار في طور الإعداد. وبحلول 2030، من المتوقع أن توفر هذه المشاريع أكثر من 382,500 منزل جديد، إضافة إلى مساحات مكتبية وتجارية وفندقية واسعة. ولا تزال نيوم في طليعة المشاريع الجاذبة للاهتمام العالمي، بينما تحصد مشاريع مثل مجتمع سدرة ومدينة القدية اهتماماً متزايداً. ويُظهر المشترون استعداداً لدفع مبالغ أعلى مقابل العيش في هذه المدن المستقبلية، مما يجعل المشاريع الضخمة محركًا رئيسيًا لنمو الإسكان ومصدراً لزيادة المعروض ودعم النمو السكاني على المدى الطويل.

التحديات في تلبية الطلب المتزايد

على الرغم من النمو القوي، يواجه قطاع البناء السكني عدة تحديات. فارتفاع تكاليف البناء يشكل عاملاً رئيسياً؛ حيث سجل مؤشر تكلفة البناء ارتفاعاً نسبته 1.1% في يونيو 2025 مقارنة بالعام السابق، بينما ارتفعت تكاليف الطاقة 27.3% بسبب زيادة أسعار الديزل. كما يفاقم نقص العمالة الماهرة الوضع، مع ارتفاع الطلب على الحرفيين وزيادة الأجور، مما يؤثر على الجداول الزمنية للمشاريع.

ولا تزال القدرة الشرائية للمواطنين تحدياً، حيث ترتفع أسعار المساكن وتكاليف التمويل. ووفقاً لهيئة الإحصاء، ارتفعت أسعار الأراضي السكنية بنسبة 5.3%، بينما ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 10.3% في الربع الأول من 2025. وتعمل اللوائح التنظيمية الجديدة، بما في ذلك قواعد التخطيط والضرائب، على تحقيق التوازن بين مشاريع الإسكان الفاخر والميسور. وفي الوقت نفسه، تضيف الحاجة إلى مواءمة مشاريع البنية التحتية الواسعة مع التطوير السكني السريع تعقيداً في التنفيذ. وتشكل هذه العوامل مجتمعة تحدياً مستمراً في تلبية الطلب المتزايد على الإسكان.

النظرة المستقبلية والفرص

على الرغم من التحديات، من المتوقع أن يستمر النمو في قطاع الإسكان خلال السنوات القادمة. يستجيب المطورون للطلب القوي من خلال زيادة مشاريع المجتمعات السكنية المخططة ومشاريع الاستخدام المختلط. وتشهد المدن الكبرى تسارعاً في تنفيذ المشاريع، بدعم من برامج رؤية 2030 وتطوير البنية التحتية. كما يساهم الابتكار في البناء، بما في ذلك البناء المعياري والتصميم المستدام، في خفض التكاليف وتسريع التسليم.

وتتيح السياسات الجديدة فرصاً إضافية. فبدءاً من يناير 2026، سيُسمح لغير السعوديين بامتلاك العقار في مناطق محددة. ويمكن للمقيمين شراء وحدة سكنية واحدة خارج المناطق المقيدة، بشرط الحصول على الموافقات التنظيمية. وهذا يوسع قاعدة المشترين ويشجع التدفقات الاستثمارية الجديدة. ومع استمرار الطلب وتوسع المشاريع الضخمة، تبدو التوقعات إيجابية لنمو القطاع السكني خلال 2025 وما بعدها.

الخلاصة

تعكس طفرة البناء السكني في السعودية مزيجاً ديناميكياً من ارتفاع الطلب، ومبادرات رؤية 2030، وتطور المشاريع الضخمة. وعلى الرغم من التحديات القائمة، تخلق المجتمعات السكنية الحديثة فرصاً واسعة لشركات البناء والمطورين والمستثمرين. ومع استمرار الاستثمارات والابتكار والتخطيط الاستراتيجي، تبدو المملكة في موقع قوي لتلبية الطلب على الإسكان، والارتقاء بجودة الحياة، وتحقيق هدف الوصول إلى نسبة تملك 70% بحلول 2030. تواصل مع منصة سكافو للحصول على أحدث تحديثات سوق الإنشاءات في السعودية واكتشاف الفرص الناشئة.

تتّبع منصة سكافو هذه المشاريع الضخمة والعديد من المشاريع الأخرى. إذا كنت ترغب في معرفة المزيد حول كيفية الاشتراك للوصول إلى بيانات المشاريع، يُرجى التواصل معنا..

قد يعجبك هذا أيضًا

اطلب العرض التوضيحي الأن